الرئيس مام جلال.. محاميا ومدافعا حقيقيا عن حقوق العمال و وحدتهم

محمد شيخ عثمان
12:46 - 2025-05-01

 يحتفل عمال العالم في  الـ(1) من شهر أيار في كل عام  بعيدهم المسمى دوليا بـ(عيد العمال العالمي)وهو مناسبة تكريم للعمال والعمل الشاق الذي يقومون به لبناء المجتمع وتطوير الاقتصاد ويعبر هذا العيد عن احترام وتقدير المجتمع لجهود العمال ودورهم الأساسي في تحقيق التقدم والازدهار.

 كما يعتبر عيد العمال فرصة للتأمل في الحقوق العمالية والتحديات التي تواجهها، ودعم تحقيق المساواة والعدالة في بيئة العمل.

ان إحياء يوم كهذا، ليس فقط إلتفاتة لتأريخ مليء بالأمجاد والتضحيات، بل هو إحترام واعتزاز بدورهم ليس في مجالات الاعمار والبناء والازدهار والتقدم بل ايضا في الثورات والنضالات السياسية فبمجرد سرد لتاريخ اغلب الثورات نجد أن الأغلبية الساحقة للشهداء البررة كانوا من أبناء العمال والفلاحين والفقراء وكادحي الشعب.

والتعريف العالمي للعمال يشمل جميع الأفراد الذين يعملون بمقابل في أي نشاط اقتصادي، بما في ذلك العمال في القطاعين العام والخاص، بغض النظر عن نوع العمل الذي يقومون به أو طبيعة العلاقة التعاقدية مع أرباب العمل وهذا التعريف يشمل العمال الذين يعملون بدوام كامل أو جزئي، وكذلك العمال الذين يعملون بشكل مؤقت أو بعقود محددة الأجل.

 

مرتكزات اساسية

هنالك مرتكزات اساسية تعمل معاً لضمان حقوق العمال وتحسين ظروفهم في مختلف القطاعات والبلدان من ابرزها :

**التشريعات القوية كقوانين ولوائح تضمن حماية حقوق العمال، بما في ذلك الحق في العمل اللائق والحماية من التمييز والاستغلال.

**الضمان الاجتماعي لتوفير الحماية للعمال في حالات العجز أو التقاعد أو الإصابة في العمل.

**الاتحادات النقابية التي تلعب دوراً هاماً في تمثيل مصالح العمال والمطالبة بتحسين ظروف العمل والأجور.

**الرقابة والتنظيم من خلال هيئات ومنظمات تقوم بمراقبة وتنظيم الأنشطة العمالية لضمان الامتثال للقوانين والمعايير.

**تشجيع الحوار بين أصحاب العمل والعمال للوصول إلى اتفاقيات مشتركة تحقق مصالح الجميع.

** يساهم التدريب والتعليم المستمر في تمكين العمال وزيادة فرصهم في سوق العمل وتحسين ظروفهم.

 

قدسية الطبقة العاملة

هناك الكثير للحديث حول هذا العيد واهمية دور العمال لكن من اجل انصاف الحقيقة ومحاكاة التاريخ،من الضرورى التوقف عند قدسية الطبقة العاملة في هوية وكينونة شخصية الرئيس الراحل مام جلال الذي كان يعتبر منذ بداية انخراطه في النضال السياسي والثوري ان الطبقة العاملة والكادحين والفلاحين بمثابة محور الثورات ودفة الاعمار والتقدم ولايمكن ارساء المساواة والاستقرار دون احقاق حق العمال وضمان حياتهم .

 وقبل تسنمه لمنصب رئيس جمهورية العراق كأول رئيس عراقي منتخب ديمقراطيا وخلال قيادته للإتحاد الوطني الكردستاني كان الرئيس الراحل من اقوى المدافعين للطبقة العاملة ويشجعهم دوما على تعزيز دور نقاباتهم لضمان حقوقهم وتطوير ادائهم وعن طريق ممثلي الاتحاد الوطني الكردستاني كحزب إشتراكي ديمقراطي كان يعمل بجد في السلطتين التشريعية والتنفيذية على مستوى اقليم كردستان من اجل رفع المستوى المعيشي للطبقة العاملة وذلك كجزء من ستراتيجية الحزب القومية والوطنية والإجتماعية، ولتحقيق هذا الهدف لم يضع سقفاً محدداً ونقطة للتوقف، كقناعة راسخة بأنه مادامت الحياة مستمرة فلابد ان يستمر الرفاه أيضاً ويتوسع فرص العمل للعمال والكادحين في القطاعين الحكومي والخاص،مع توفير فرص التعليم على جميع المستويات لأبناء هذه الطبقة، وتقديم الخدمات الصحية وإنخفاض نسبة الوفيات بينهم، وتهيئة الأرضية للتقدم الإجتماعي والثقافي لهم.

 

الفخامة ودعم الطبقة العاملة

خلال تسنمه منصب رئيس الجمهورية من العام 2005 وحتى العام 2012 حيث تعرضه للوعكة الصحية وهو في عز ممارسة مهامه الرئاسية من استقبال الوفود والسفراء وممثلي الاطراف السياسية،لم يدخر الرئيس مام جلال جهدا من اجل تعزيز حقوق العمال والمواطنة ودعم الحملات النقابية والمنظمات العمالية والدعوة الى العدالة الاجتماعية وتطوير السياسات الحكومية لرفعة مكانة الطبقة العاملة وبذل المساعي في سبيل انجاز المساواة في الفرص وتقليل الفجوات الاقتصادية والمعيشية ،كل ذلك واكثر من هذه الجهود والمساعي نجدها راسخة الجذور في صلب برقيات الرئيس مام جلال بيوم عيد العمال العالمي التي كان يهتم شخصيا على كتابتها بنفسه وليس عبر مكتبه الاعلامي او مستشاريه وكان يؤكد على اهمية الطبقة العاملة ومآثرها النضالية من اجل التحرر ورفعة الوطن ويقول بانه :"لايمكن نسيان البطولات التي اخترعتموها، والتضحيات التي قدمتموها مع ابناء الشعب الاخرين في التصدي لعهود الدكتاتوريات المتعاقبة ومظالمها وشرورها، وهي التي كانت أساس الرصيد الوطني الذي نعتمده لقيادة العراق الجديد السائر نحو آفاق الديمقراطية واللحاق بركب التقدم والحضارة الانسانية".

 ولابراز اعتزازه بهذا العيد وهذه الطبقة المهمة، يجدد الرئيس مام جلال التعبير عن ايمانه بكون تلك الطبقة بمثابة اللبنة الصلدة في بناء العراق المنشود، وفي تعميق الوحدةالوطنية وترسيخ التلاحم ليختم بالدعوة إلى النضال من أجل تحقيق وحدة صفوف العمال وأهدافهم.

وفي وجود قيادات ودول في المنطقة كانت تخشى وحدة العمال وتعمل على اضعاف وافشال خطط وحدتهم كان الرئيس مام جلال مساندا ومشجعا لوحدة صف العمال للدفاع عن حقوقهم وكان يجدد حرصه قائلا :انكم مدعوون أكثر من اي وقت مضى لرص صفوفكم وتجسيد وحدتكم باعتبارها وحدة كل مكونات طيفنا الوطني والوقوف بوجه الفتن والمكائد التي تريد فرقتنا وتشتيت طاقاتنا واجهاض العملية السياسية الديمقراطية"و، انكم الشريحة الاوسع، والطبقة الاكثر مصلحة في نجاح تجربة العراق الديمقراطي الجديد.. وانتم اصحاب المصلحة الحقيقية في استكمال بناء المؤسسات الضامنة لأمن وطنكم وسلامة مواطنيكم، بل انكم في اساس بناء هذه المؤسسات، فإلى النضال من أجل تحقيق وحدة صفوفكم وأهدافكم".

 

تعرضوا إلى الاضطهاد والحرمان والتعسف

سواء في سنوات النضال او وجوده في المنصب الرئاسي ،كان الرئيس الراحل مام جلال يستذكر دوما حقيقة تعرض الطبقة العاملة مع سائر أبناء هذا الشعب إلى الاضطهاد والحرمان والتعسف في العهود الماضية ومع سقوط الدكتاتورية انفتحت آفاق جديدة لمساهمتهم الفعالة والملموسة في بناء العراق الديمقراطي والدفاع عن مصالحهم الاقتصادية لضمان حقوقهم المهنية وممارسة نشاطاتهم النقابية، لذلك كان يؤكد على اهمية وثقل عيد العمال باعتباره عيدا للتضامن مع الكادحين، يجمع ابناء الوطن الواحد ويعزز لحمة صفوف المكافحين من اجل غد مشرق ويعظم دور الطبقة العاملة عندما يشدد قائلا:"بسواعدكم يبنى العراق الحر الديمقراطي الفيدرالي التعددي الذي سيظلون دوما عماده ورايته وان لهم الحق في الافتخار بماضيهم الذي حاربوا خلاله انظمة الطغيان والاستبداد، وقدموا التضحيات الجسام من اجل تحقيق العدالة الاجتماعية واستعادة حقوقهم المهضومة.

وانطلاقا من مكانته كحامي للدستور يؤكد الرئيس مام جلال على المواد الدستورية فيما يخص حق العمل والحياة لكل مواطن مشددا بالقول: في هذه المناسبة لا بد من التأكيد مجددا على أن من حق كل مواطن قادر على العمل ان توَفّر له فرصة العمل وان يحصل على اجور وظروف تؤمن الحياة الكريمة وينبغي ان يكون ذلك من بين اولى اهتمامات الحكومة ومواصلة الجهد من جميع المواقع من أجل حياة مهنية مناسبة وظروف عمل تسمح بحياة كريمة

 

مسك الختام

وخير ما نختم به حديثنا عن مآثر الرئيس الراحل مام جلال في دعمه للطبقة العاملة واعتزاه الدائم والجاد بهم نعيد سردا تاريخيا له في احدى حواراته الصحفية الذي يدل على ان دعمه واعتزازه بتلك الشريحة لم يكن يوما مجرد شعارات غير مقترنة بالافعال حيث اختار الوقوف في صفهم عند تعلق الامر بحقوق العمال المشروعة ويروي الرئيس الراحل القصة كالاتي :

 في عام 1960 كنت محاميا لشركة صاحبها رجل الأعمال الكردي المعروف رشيد عارف، وهو من الرعيل الأول من الديمقراطيين، وقد عينني في شركته لمساعدتي، وحتى أحصل على راتب جيد، وصادف أن تقدم 17 عاملا من الشركة بدعوة ضد الشركة، وطالبوا بتعويضات مادية، فذهبت أنا إلى المحكمة، باعتباري محامي الشركة.

 وبعد سماعي لاقوال العمال اعترفت بحق العمال في الحصول على التعويضات وقلت للقاضي: نعم.. هذا من حقهم، وصدر القرار بمنحهم التعويضات، وانتظرت حتى تم التصديق على الحكم من محكمة الاستئناف وأخذ الدرجة القطعية، أي أنه يجب تنفيذ قرار المحكمة.

وبعثت المحكمة بقرارها إلى رئيس الشركة تطلب منه دفع التعويضات، كون القرار اكتسب الدرجة القطعية، وأن محامي الشركة اعترف بحق العمال بالحصول على التعويضات، فأرسل رشيد عارف بطلبي، وكان غاضبا جدا مني، وكنت أعرف السبب، وكنت حينها مستعد لشرح الحقيقة والرد عليه، وعندما دخلت إلى مكتبه سألني قائلا: أفندي هل أنت محام عن الشركة أم محام عن البروليتاريا؟

فقلت له بأني محامي الشركة، فقال: لماذا فعلت ذلك يا أفندي؟

فأجبته: فعلت ذلك دفاعا عن سمعتكم وسمعة الشركة، فأنا، ومنذ صغري، أعرفكم وأعرف أن رشيد عارف رجل ديمقراطي من الرعيل الأول، وأنت صديق كامل الجادرجي، وجعفر أبو التمن (ساسة عراقيون وطنيون ديمقراطيون في العهد الملكي)، وأنه يعز علي أن يشتكي عليك بعض العمال، وهذا يسيء إلى سمعتك كرجل تقدمي وديمقراطي، فما قيمة التعويضات البسيطة أمام سمعتكم التي تساوي أموال الدنيا؟

 فهدأ رشيد عارف ونظر إلي وقال: حقا احسنت، خير ما فعلت.

-تحية واجلال الى روح ومآثر الرئيس الراحل مام جلال

-تحية واعتزاز للعمال في عيدهم العالمي، عيد النضال المشرف للشعوب والعمال والكادحين..

-تحية لكل من ساهم و يساهم في اغناء مقومات ترسيخ حقوق العمال وضمان حياة كريمة لهم .

Copyright © 2020 Kirkuk Tv All Rights Reserved Designed And Developed By AVESTA GROUP