عرض كتاب مفهوم الانسان عند ماركس للمؤلف أريك فروم

اريك فروم عالم نفس وفيلسوف إنساني ألماني أمريكي، لذا فإن رؤيته لماركس تُركز على الجوانب الإنسانية أكثر من الجوانب الاقتصادية أو السياسية.
يُجادل فروم في كتابه بأن نظرة ماركس للبشر تُركز على قدرتهم على الإبداع وتحقيق الذات ولم تقتصر أفكار ماركس على الصراع الطبقي بل اهتم بكيفية عزل الرأسمالية للناس عن طبيعتهم الحقيقية وعلى سبيل المثال، عمال المصانع الذين يقومون بمهام متكررة الامر المزعج جدا مما يُخنق إبداعهم.
فكرة الاغتراب.. يوضح فروم أن مفهوم ماركس للاغتراب ليس اقتصاديًا فحسب، بل نفسيًا أيضًا اذ يُصبح الناس مُغتربين عن عملهم، وأنفسهم، والآخرين. على سبيل المثال أن الرأسمالية تُغرب الإنسان عن في أربعة جوانب: عن عمله (لا يملك منتجه)،عن ذاته (العمل لا يعبر عن هويته)،عن الآخرين (العلاقات تصبح تنافسية)،عن الطبيعة (يستنزفها لتحقيق الربح).
قضية نقد الرأسمالية .. يناقش فروم كيف تُختزل الرأسمالية العلاقات الإنسانية إلى علاقات معاملاتية ففي المجتمع الرأسمالي قد تتأثر حتى العلاقات الشخصية بالمال أو المكانة الاجتماعية مما يجعل التفاعلات تدور حول المنفعة أكثر من كونها علاقات إنسانية حقيقية.
أهمية الجوهر الإنساني.. يُسلّط فروم الضوء على إيمان ماركس بالبشر ككائنات اجتماعية تزدهر من خلال الجماعة ومن الأمثلة على ذلك أماكن العمل التعاونية حيث تُتخذ القرارات جماعيًا، مما يُعزز الشعور بالانتماء والهدف.
مفهوم الوجود النوعي لماركس : الوجود النوعي للبشر هو مفهوم يعبر عن خصوصية الإنسان في هذا العالم، ليس فقط كائن يعيش ويتنفس، لكن ككائن واعي، عاقل، قادر على التفكير، والتساؤل، وصناعة المعنى، وتحديد مصيره بنفسه. انه ليس مجرد موجود مثل أي حجر أو حيوان، بل "يُوجد بطريقة معينة" فيها عمق وتفرّد بكلام أبسط.. الوجود النوعي هو الطريقة التي يعيش فيها الإنسان كإنسان، وليس كأي كائن اخر.  
ومن اساسيات الوجود النوعي للبشر:
 1. الوعي بالذات.. حين يعي الإنسان إنه موجود، تبدأ الأسئلة الكبرى تظهر والتي ينفرد بها عن باقي الكائنات الأخرى "من انا ؟" و"لماذا  موجود؟" و"ما معنى الحياة؟"  
2. الحرية والاختيار..
الإنسان عنده قدرة على الاختيار... يعمل الخير أو الشر، يختار عمله، طريقه، حتى أفكاره.  
 3. تحمّل المسؤولية..
ليس الإنسان حر فقط ، فمسؤول عن اختياراته ايضا.  
4. البحث عن المعنى..
الإنسان دوما يبحث عن معنى الحياة، الألم، الحب والموت.  
 5. الإبداع.. الإنسان يخلق الفن، يكتب شعر، يرسم ،انشاء المسرح  والسينما اخترع الالات الموسيقية  اخترع العديد من الأشياء لتساعده على الحياة لأنه يحب الجمال ويريد ان يعبّر عن طموحاته ومخاوفه .  
يؤكد فروم ان نقد ماركس للرأسمالية لانها تحول الإنسان إلى "سلعة" وتُخضعه لـقانون السوق، مما يفقد الحياة الإنسانية قيمتها الحقيقية. لان الإنسان كائن اجتماعي عند ماركس فهو لا يُمكن أن يعيش بمعزل عن المجتمع، فهو يُحقّق ذاته عبر التفاعل والتعاون مع الآخرين.
يرفض فروم التفسير الآلي للمادية التاريخية (الذي يركز فقط على الصراع الطبقي)، ويُبرز دور الوعي الإنساني في تغيير المجتمع فحركات العمال في القرن التاسع عشر ناضلت كثيرا من أجل تقليل ساعات العمل، مما اظهر ان قدرة البشر قادرة على تغيير الأنظمة عبر إرادتهم الجماعية. يرى فروم أن ماركس لم يكن مجرد اقتصادي، بل فيلسوفًا إنسانيًا سعى لتحرير الإنسان من القيود المادية والاجتماعية التي تُحوله إلى عبد للربح فالكتاب يُعيد اكتشاف ماركس بعيدًا عن الصورة النمطية المُختزلة في "الصراع الطبقي" أو "إلغاء الملكية الخاصة"، ليُظهره كمُنظر للتحرر الإنساني الشامل.